مانشستر سيتي نجح في التأهل مجددًا إلى دوري أبطال أوروبا هذا الموسم، مرتكزًا على إدراكه العميق بأن أي تراجع في الأداء لن يكون خيارًا مقبولًا في ظل سعيه لتحقيق الاستقرار الفني والوصول إلى المستوى المثالي الذي يتطلع إليه. ومع ذلك، يدرك النادي جيدًا أن الطريق إلى المجد الأوروبي مليء بالتحديات وأن المنافسة في البطولة تتطلب أعلى درجات التركيز والجاهزية.
في سياق البطولة الأوروبية، يبدو الاتحاد الأوروبي لكرة القدم راضيًا عن فعالية النظام الجديد لدوري الأبطال، وهو نظام يستهدف تعزيز الإثارة والاحتدام في مختلف مراحل البطولة. مانشستر سيتي، رغم تحقيقه أحد أبرز الإنجازات على مستوى العناوين الصحفية بخروجه قبل الوصول إلى الأدوار النهائية، فقد خاض مواجهات بالغة الصعوبة، كان أبرزها المواجهة الفاصلة التي جمعته مع ريال مدريد، والتي امتازت بإثارة كبيرة وتحولت إلى حديث الصحافة الرياضية العالمية.
باريس سان جيرمان واجه سيناريو أكثر تعقيدًا في مرحلة المجموعات. الفريق الفرنسي كان بحاجة ماسة إلى انتصار غير متوقع على مانشستر سيتي لتجنب الإقصاء المبكر، إلا أن النادي سرعان ما أعاد ترتيب أوراقه بشكل لافت. بعد تجاوزه لهذه المرحلة بنجاح، وصل باريس سان جيرمان إلى محطة تاريخية من خلال إقصاء ليفربول الذي تصدّر مرحلة تمهيدية ضخمة ضمت 36 فريقًا. ومن ثم واصل طريقه بتفوق على مجموعة كبيرة من أفضل فرق أوروبا مثل أستون فيلا وأرسنال وإنتر ميلان ليحقق أول لقب أوروبي في سجله التاريخي، مما مكّنه من الانضمام إلى قائمة الفرق العريقة الفائزة بالبطولة.
بجانب الإنجازات الكبيرة للأندية العملاقة، كان هناك مشهد آخر مثير للاهتمام متعلق بالفرق الصغيرة. هذه الفرق قدمت أداء تنافسيًا قويًا، رغم الفوارق الكبيرة بينها وبين الأندية الكبرى. ومع ازدياد الفرص المتاحة بفضل النظام الجديد، يبدو أن المستقبل يحمل آفاقًا واعدة لها، حيث يمكنها تحسين مستواها تدريجيًا بالتزامن مع الاستفادة من التجارب المستمرة.
الاتحاد الأوروبي لكرة القدم مستمر في إجراء المزيد من التعديلات استعدادًا للموسم المقبل. إحدى أبرز هذه التغييرات تتعلق بنظام التصنيف للفرق المتأهلة من مرحلة الدوري، حيث قرر الاتحاد منح الفريقين المتصدرين فقط ميزة اللعب على أرضهما خلال مراحل الإياب قبل نصف النهائي. هذا التحول يمثل نقلة نوعية في هيكلة البطولة ويتوقع أن يخلق ديناميكية أكثر إثارة خلال المنافسات.
تأثير هذه القاعدة سيكون ملموسًا بشكل كبير على الفرق المتقدمة. إذا كانت القاعدة مطبقة الموسم الماضي، كان باريس سان جيرمان ليتجنب عدة مواقف صعبة ويتمتع بميزة لعب مباريات الإياب على أرضه في الأدوار الحاسمة، وهو عامل قد يعزز الفرص أمام الفرق الأفضل أداءً بينما يزيد الضغط على الفرق الأخرى.
رغم أن هذا النظام يعتبر خبرًا سعيدًا للفرق ذات الأداء القوي في المراحل الأولى من البطولة، إلا أنه يضع الفرق التي تنهي مرحلة الدوري بالمراكز الثالث أو الرابع أمام تحديات أصعب. هذه الفرق ستكون محرومة من ميزة الأرض حتى لو نجحت في الوصول إلى نصف النهائي، مما يرفع مستوى الدقة الاستراتيجية المطلوبة خلال كل مباراة ويجعل مرحلة المجموعات أكثر إثارة وتوترًا.
مثل هذه التعديلات من المتوقع أن تجعل الفروقات بين المراكز الأول والثاني وبين الثالث والرابع أكثر وضوحًا وصعوبة للحسم. قد تكون نقاط صغيرة أو حتى فارق أهداف هو العامل الذي يحدد مصير الفرق في كثير من الحالات، مما يفرض على الجميع إعادة التفكير في استراتيجياتهم خلال المنافسة.
أما بالنسبة لمانشستر سيتي، فإنه يتميز بفلسفة واضحة تحت قيادة بيب غوارديولا، تعتمد على بناء النجاح خطوة بخطوة دون الالتفات كثيرًا إلى التوقعات المرتبطة بالنظام الجديد. الفريق مدرك تمامًا أن عليه بدء رحلته الأوروبية بسعي مكثف نحو تعويض الإخفاقات السابقة والتركيز بشكل كامل على المواجهات المقبلة كأنها محاولات جديدة للصعود نحو القمة.
عند مواجهة ريال مدريد في الملحق، أوضح غوارديولا أن التحدي كان سيكون صعبًا بأي حال من الأحوال بغض النظر عن الخصم. لكنه بعد خسارته الثقيلة أمام ريال مدريد ألمح إلى أن وقع الهزيمة أصبح أقل إيلاماً مقارنة بالسنوات السابقة التي شهدت إخفاقات قريبة جدًا من تحقيق إنجاز كبير.